خراب على الشعب.. لماذا يعوم السيسي الجنيه مجددا في هذا التوقيت؟

. . ليست هناك تعليقات:


 

شرع  نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي في تعويم جديد للعملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية بداية من الإثنين 21 مارس 2022م؛ وذلك في أعقاب قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة بنسبة 1% في اجتماعه الاستثنائي ليصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض إلى 9.25% و10.25%. القرار تزامن مع رفع البنك القيود عن سعر صرف الجنيه (تعويم الجنيه) أمام العملات الأخرى؛ وهو ما أفضى إلى انخفاض قيمة الجنيه بنحو 16%  خلال اليوم الأول من قرار التعويم الجديد، ليرتفع سعر صرف الدولار من 15,74 إلى 18,25  جنيها، بزيادة بنسبة نحو 16% من قيمته.

القرار الذي يأتي بعد أيام قليلة من رفع البنك المركزي سعر الفائدة بنحو "ربع نقطة"، سوف يؤدي إلى ارتفاع أسلع السلع الغذائية رغم أنها تواصل الارتفاع ولم تتوقف، وزيادة معدلات التضخم  وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين لا سيما أصحاب الدخول الثابتة منهم كالموظفين وأصحاب المعاشات، وهبوط ملايين المصريين تحت خط الفقر، وزيادة حجم الديون المصرية، ويعني أن النظام يتجه نحو قرض جديد مع صندوق النقد الدولي، بما يعني أن القرار قد يكون على الأرجح ترجمة حرفية لإملاءات وشروط الصندوق الذي بات يهيمن ويتحكم فعليا في السياسات المالية المصرية.

ويواجه نظام السيسي خيارات صعبة في ظل شبحين يخيمان على الاقتصاد المصري في وقت واحد ضمن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا التي عمّقت تأثيرات التضخم العالمي على خلفية أزمة سلاسل الإمداد: الشبح الأول هو موجة تضخمية حادة على وشك الارتفاع أكثر فأكثر. والشبح الثاني هو شح العملة الأجنبية في ظل هروب نحو 4.25 مليار دولار من الاستثمارات في الديون المصرية (الأموال الساخنة).

ولذلك لجأ النظام عبر البنك المركزي إلى استخدم آليتين في آنٍ واحد: الأولى، رفع سعر الفائدة. والثانية، المزيد من المرونة في سعر الصرف.

ويعتبر هذا هو التعويم الثاني للجنيه خلال ست سنوات فقط، حيث تم التعويم الأول في نوفمبر 2016م، باتفاق النظام مع صندوق النقد الدولي على قرض بنحو 12 مليار دولار على ثلاثة شرائح حتى 2019م. وهو القرار الذي أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه إلى أقل من النصف ليرتفع سعر صرف الجنيه أمام الدولار من نحو 8.25 إلى نحو 20 جنيها في أعقاب التعويم بشهور قليلة. وهو ما أدى إلى موجات من الغلاء الفاحش طالت كل شيء وأفضى إلى زيادة معدلات التضخم وسقوط عشرات الملايين من المصريين تحت خط الفقر، دون أن يحقق الاقتصاد ما وعد به النظام من طفرة في التصدير وزيادة الموارد وعلاج العجز المزمن في  الموازنة.

وبرر البنك المركزي قراره الأخير بزيادة معدلات الفائدة بأنه، في الفترة الأخيرة، بدأت الضغوط التضخمية العالمية في الظهور من جديد، بعد بوادر تعافي الاقتصاد العالمي من الاضطرابات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد، بسبب تطورات الصراع الروسي الأوكراني؛ حيث ارتفعت المخاطر المتعلقة بالاقتصاد العالمي نتيجة هذا الصراع. وتأتي تحركات «المركزي» في محاولة لاستيعاب موجة التضخم الكبيرة التي تجتاح العالم بسبب وباء كورونا، وتخوفًا من تأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا، والتي تسببت في موجة هروب دولاري كبيرة من تجار الديون المصرية.

يستهدف  النظام بهذه الخطوة تحفيز المستثمرين في الديون المصرية (الأموال الساخنة) بعدم الهروب من السوق بعدما تخارج نحو 4.25 مليار دولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022م.  ورغم تحرير سعرف صرف الجنيه في نوفمبر 2016م، إلا أن الحكومة دعمت الجنيه فعليا في مواجهة الدولار، خلال السنوات الماضية، من خلال الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المحلية، فضلاً عن التوسع في أسواق السندات الدولية باللجوء إلى أنواع جديدة في الآونة الأخيرة، ومنها السندات الخضراء، والصكوك السيادية.

وقال محللون من بنك الاستثمار "جيه.بي. مورجان" قبل أسبوعين، إن الجنيه المصري مقوم بأعلى من قيمته الحقيقية بنسبة 15 بالمائة، ومن المرجح أن يكون خفض قيمته مطلوبا، وأضافوا أن مصر قد تحتاج للمزيد من المساعدة من صندوق النقد الدولي إذا تزايدت الضغوط على أسواق المال. وقال فاروق سوسة، كبير الاقتصاديين في "غولدمان ساكس"، إن "تراجع الجنيه اليوم الاثنين يمكن أن يحفز تدفقات العملة الأجنبية على البلاد، كما أن المستثمرين الذين لديهم أموال بالفعل في سندات مصرية لن يقوموا ببيعها الآن على الأرجح". وأضاف لوكالة "رويترز" أن "الخطوة الهدف منها الحفاظ على السيولة داخل السوق وجذب المستثمرين الذين ربما يقفون على الهامش انتظارا لهبوط الجنيه إلى حده الأدنى". لكنها من المحتمل أن تؤدي كذلك إلى زيادة التضخم وإلى الدولرة المحلية، وتابع سوسة أن "السؤال الأهم هو ما إذا كان ذلك كافيا أم ستكون هناك حاجة للقيام بالمزيد لجذب المستثمرين".

كما يستهدف النظام بهذا القرار الدخول في اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد رابع؛ في ظل تراجع إيرادات الدولة وإهدار  مئات المليارات من الدولارات على مشروعات معمارية بلا جدوى اقتصادية كان من الأولى توجيهها إلى مشروعات إنتاجية توفر الملايين من فرص العمل وتزيد الدخل القومي. وكان الاحتياطي من النقد الأجنبي قد فقد في مارس وأبريل من عام 2020 -بعد تفشي فيروس كورونا- ثمانية مليارات دولار، بسبب محاولة «المركزي» حماية الجنيه وقتها.

وخلال السنوات الست الماضية، حصلت حكومة السيسي على ثلاثة قروض من صندوق النقد الدولي قيمتها (20 مليار دولار)، الأول كان في نوفمبر 2016، وقيمته 12 مليار دولار عبر آلية تسهيل الصندوق المدد وهو قرض يتميز بارتفاع حجم القر وطول مدة السداد. القرض الثاني كان في 2020 بقيمة 5.2 مليار دولار، بعد تفجر أزمة «كورونا»، واستند إلى آلية الاستعداد الائتماني، ويُعد هذا النوع قرضًا قصير الأجل ولا تتجاوز مدة السداد المتاحة له خمس سنوات.  والقرض الثالث كان بقيمة نحو (2.8) مليار دولار وتم ضمن آلية التمويل السريع الذي يمنح في الأوقات الاستثنائية.

المصدر : بوابة الحرية والعدالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث

مواقيت الصلاة

صفحتنا على الفيس بوك


المتابعون

الأرشيف

أنت الزائر رقم