«تسعيرة جبرية» للخبز غير المدعوم.. صدام مرتقب مع المخابز

. . ليست هناك تعليقات:


 

التوجيهات التي أصدرها رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي الثلاثاء 15 مارس 2022، للحكومة بتسعير رغيف الخبز غير المدعوم للحد من ارتفاع ثمنه، وشن حملات أمنية عبر مباحث التموين للتأكد من تنفيذ التسعيرة الجديدة بمجرد الإعلان عنها، يفتح الباب واسعا أمام صدام مرتقب بين النظام وأصحاب المخابز الخاصة. ورغم انتقاد السيسي لرفع المخابز الخاصة أسعارها مؤخرا بنسبة 50% في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنه كان قد صرح قبل شهور بأن الحكومة سوف ترفع أسعار الخبز المدعوم مدعيا أن تكلفة الرغيف حاليا تصل إلى نحو 85 قرشا، فلماذا يلوم أصحاب المخابز إذا كانت الحكومة تنوي رفع أسعار الخبز المدعوم؟!.

وفي اجتماع حضره رئيس الوزراء بحكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، ووزير الدفاع محمد زكي، ووزير التموين علي المصيلحي، ووزير الداخلية محمود توفيق، ورئيس المخابرات العامة عباس كامل، الثلاثاء 15 مارس، كلف السيسي القوات المسلحة (الجيش) بالتنسيق مع وزارة التموين، وصندوق "تحيا مصر"، لطرح السلع الغذائية الأساسية بأسعار مخفضة للمواطنين قبيل حلول شهر رمضان. كما وجه بتوزيع "كراتين" المواد التموينية على مستوى الجمهورية دعماً للفئات الأكثر احتياجاً، بمناسبة قرب حلول شهر رمضان، مطالباً الحكومة بالإسراع في إعلان حافز التوريد الإضافي لسعر أردب القمح المنتج محلياً في أقرب وقت ممكن، لا سيما مع تقديم موعد توريده من المزارعين إلى 1 أبريل بدلاً من 15 من ذات الشهر. توجيهات السيسي للحكومة تضمنت تكليفها بدراسة تكلفة إنتاج رغيف الخبز الحر غير المدعوم، وكذلك تسعيره، مع توفير وزارة التموين الدقيق (الطحين) اللازم للمخابز لضبط أسعاره. فيما طالب وزير التموين بالعمل على تنويع مصادر توفير السلع الغذائية الأساسية، وتوافرها بالكميات المناسبة للمواطنين في الأسواق، مع السعي نحو زيادة المخزون الاستراتيجي منها لفترة مستقبلية لا تقل عن 6 أشهر.

اللافت في الأمر أن بيان المتحدث باسم رئاسة الامقلاب لم يتطرق لآليات التسعير ولا طبيعته (استرشادي أم جبري). لكن، المتحدث الرسمي باسم مجلس وزراء الانقلاب، نادر سعد، قال في تصريحات تليفزيونية، الإثنين، إن وزارة التموين وضعت تصورًا يقوم على طرح سعر استرشادي للخبز الحر صعودًا وهبوطًا بالتوافق مع السعر العالمي للدقيق والقمح، بحيث يراعي طرفي العلاقة في المنظومة، المواطن وصاحب المخبز، ولا يُضار أحد الطرفين. لكن التسعيرة الاسترشادة هي والعدم سواء لأنها لا تتضمن معنى الإلزام،  ولا يترتب على عدم الأخذ بها أي عقوبة محتملة! الأمر الذي يعني أن التسعيرة الجبرية ستكون هي الحل خلال هذه الفترة في ظل تداعيات الحرب.  لأن توجهات النظام لن تتحقق بتسعيرة استرشادية غير ملزمة.

وقال سعد: «لما انت زودت السعر من جنيه لجنيه ونص بسبب زيادة أسعار الدقيق، فالمنطق يقول لو الدقيق رجع لأسعاره المعتادة لما بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، انت كمان ترجع تنزل السعر لجنيه، ايه بقى الآلية اللي تحدد ده، والسعر يصعد ويهبط ازاي؟ هي دي الآلية اللي هيقرها مجلس الوزراء بناءً على العرض اللي يقدمه وزير التموين، الحكومة مش هتغلب ولدينا من الآليات لتنظيم السوق».

وحول آلية السعر الاسترشادي بناءً على الأسعار العالمية للقمح، قال رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية للقاهرة، عطية حماد  وفقا لموقع «مدى مصر»: «مينفعش أعمل سعر استرشادي للخبز في سوق حر منذ الثمانينات، لأن ده عرض وطلب، سعر الرغيف لما بيعلى مابينزلش، ولكن يثبت»، موضحًا أن تكلفة إنتاج الخبز لا تقتصر على سعر القمح، وإنما تمتد للطاقة والعمالة والمياه، وغيرها من باقي مدخلات الإنتاج، التي ارتفع بعضها مثل العمالة والإيجارات، بسبب ارتفاع الأسعار عمومًا، وزيادة معدلات التضخم على مستوى الجمهورية.  وأشار حماد إلى أن الحكومة لم تعرض مقترح السعر الاسترشادي على الحلقة الرئيسية لعملية الإنتاج (أصحاب المخابز) للمناقشة، ودراسة واقعية التطبيق من عدمه.

في هذا السياق، تقول أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة وعضو المعهد القومي للتخطيط، شيرين الشواربي، إن هناك نحو 27 مليون مواطن خارج منظومة الدعم التمويني، لذا من غير المنطقي تركهم لحالة الصدمة السعرية التي يعاني منها سوق الخبز بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.  ورهنت الشواربي إيجابية قرارات التسعير بعدة عوامل أهمها أن يتم اتخاذ القرار بناءً على دراسة تأخذ في اعتبارها نوع الخبز ووزنه وتكلفة الخامات التي تدخل في إنتاجه إلى جانب صافي ربح لصاحب المخبز يتماشى مع معدلات التضخم الحالية، وكذلك أن تنتهي الدراسة لإقرار سعر استرشادي وليس جبري. وأوضحت أن العمل داخل سوق حر لا يعني الافتقار لقواعد تنظيمية تحمي المستهلك والمنتج على السواء.

وكان المتحدث باسم رئاسة مجلس وزراء الانقلاب قد نفى في تصريحات تليفزيونية سابقة احتمالية إخضاع  السلع الغذائية بمختلف أنواعها لتسعيرة جبرية قائلًا إن «عصر التسعيرة الجبرية انتهي ولن يعود». وتأتي تحركات حكومة الانقلاب نحو تنظيم سوق الخبز الحر في ظل مخاوف وتوقعات بزيادات جديدة للأسعار، حيث كان عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، وليد دياب، توقع في تصريحات صحفية  سابقة لـ«مدى مصر» أن يشهد السوق رفع أسعار الخبز مجددًا، موضحًا أنه رفع سعر الدقيق الذي يبيعه للمخابز 20%، كما يعتزم رفع السعر مجددًا، لأن الزيادة السابقة لا تماثل سعر القمح بعد زيادته عالميًا حاليًا، مضيفًا: «بعض كميات الدقيق المتبقية لديَّ هي كميات طُحنت من قمح استوردته قبل الزيادات الجديدة في الأسعار، وبعد أن تنفد تمامًا الكميات المطحونة من القمح منخفض السعر، سيكون عليَّ إعادة تسعير الدقيق بناءً على سعر القمح الجديد فقط، وفي هذه الحالة سأرفع السعر ربما إلى عشرة آلاف جنيه للطن مقابل 8500 جنيه تقريبًا حاليًا. عمليات إعادة التسعير تلك ستحدث مجددًا من قبل المطاحن أيضًا لترفع تكلفة إنتاج الخبز على المخابز، ما يرجح رفع أسعار الخبز للمستهلك».

المصدر : بوابة الحرية والعدالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث

مواقيت الصلاة

صفحتنا على الفيس بوك


المتابعون

الأرشيف

أنت الزائر رقم