«ف. بوليسي»: من القرن الأفريقي إلى أوغندا.. هذه أبرز ملفات أفريقيا لعام 2022

. . ليست هناك تعليقات:


 نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية موجزًا أعدَّه نوسموت جباداموسى، صحافي حقوق الإنسان والبيئة والتنمية المستدامة، عن دول أفريقيا، مسلَّطًا الضوء في هذا الأسبوع الأخير من عام 2021 على عدد من الصراعات، مثل أزمة الحكم في الصومال والمرحلة الانتقالية المتعثرة في السودان، التي سترسم ملامح القارة السمراء في عام 2022.

صراعات القرن الأفريقي تحتل مركز الصدارة

استهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى ما أعلنته الحكومة الفيدرالية الإثيوبية يوم الخميس 23 ديسمبر (كانون الأول) 2021 أن قواتها لن تتوغل أكثر داخل إقليم تيجراي الواقع في شمال البلاد. وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من إعلان قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي عن انسحابها إلى إقليم تيجراي بالتزامن مع استعادة القوات الفيدرالية الإثيوبية عددًا من المدن الإستراتيجية الواقعة في شمال العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وتأمل منظمات الإغاثة الإنسانية أن يُؤدي الإعلان الأخير إلى إمكانية وقف إطلاق النار، على الرغم من عدم انطلاق محادثات رسمية لإحلال السلام.

يقول كاتب التقرير إنه لم يكن بمقدور أحد توقع عديد من التحولات والتقلبات التي شهدتها الحرب الإثيوبية المستمرة منذ أكثر من عام مضى. ومنذ توليه منصب رئاسة الوزراء في إثيوبيا في عام 2018، تحوَّل آبي أحمد، الحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2019، من بطل دولي تمكن من إنهاء صراع بلاده المستمر منذ 20 عامًا مع الجارة إريتريا إلى قيادة قوات الخطوط الأمامية في المعركة ضد متمردي تيجراي.

ويوضح التقرير أن الصراع في إقليم تيجراي بدأ في يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، عندما أمر آبي أحمد قواته بالرد عسكريًّا على جبهة تحرير شعب تيجراي بعدما هاجمت القواعد العسكرية التابعة لقيادة الجيش الفيدرالي الإثيوبي في شمال البلاد. واندلعت الحرب الإثيوبية الأهلية بعد شهور من التوترات المتصاعدة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، التي كانت تهيمن في السابق على ائتلاف «الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية» الحاكم للبلاد والحكومات الاستبدادية القمعية التي حكمت البلاد من عام 1991 حتى خرج الإثيوبيون في احتجاجات عارمة مناهضة للحكومة أدَّت إلى وصول آبي أحمد إلى السلطة في عام 2018.

ويتابع التقرير موضحًا أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي عَدَّت تحركات آبي لإحلال السلام مع العدو القديم، إريتريا، وتحقيق التنوع العِرقي داخل الرُّتب العليا في الجيش الفيدرالي التي كان يُهيمن عليها المنتسبون إلى إقليم تيجراي بمثابة استفزازات للجبهة.

وتعهد آبي أحمد بشن هجماتٍ سريعة ضد الجبهة وبدا في بداية الأمر وكأنه سحق التمرد مع حلول عام 2021، لكن قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي استعادت السيطرة على عاصمتها الإقليمية ميكيلي خلال فصل الصيف، ونفذت مزيدًا من التوغل في البلاد. وبحلول الشهر الماضي كانت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي تُهدد بالزحف إلى العاصمة أديس أبابا، قبل أن تنسحب إلى إقليم تيجراي مع استعادة القوات الفيدرالية الإثيوبية سيطرتها على المدن الرئيسة.

واتهمت منظمة الأمم المتحدة جميع الأطراف بارتكاب فظائع في هذه الحرب الأهلية. وأفادت «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية» أن أكثر من مليون شخص نزحوا من إقليم تيجراي منذ بدء الحرب، وأن حوالي 5.2 مليون من سكان الإقليم البالغ عددهم 6 ملايين يُواجهون أزمة مجاعة حقيقية.

القرن الأفريقي والسياسة الامريكية

يُشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة قررت في 24 ديسمبر إلغاء إدراج إثيوبيا من اتفاقية التجارة المعفاة من الرسوم الجمركية بموجب قانون النمو والفرص في أفريقيا. وكان مسؤولون أمريكيون قد هددوا في نوفمبر بإلغاء المعاملة التفضيلية في التجارة لإثيوبيا بسبب «الانتهاكات الجسيمة» لحقوق الإنسان. كما أُلغي إدراج غينيا ومالي في الاتفاقية ذاتها بسبب الانقلابات العسكرية التي شهدتها الدولتان هذا العام.

وكانت إدارة بايدن تشعر بالقلق المتزايد إزاء تقديم تركيا، والصين، والإمارات العربية المتحدة، المساعدة للقوات الفيدرالية الإثيوبية من خلال تسليحها بطائرات من دون طيار. ويُحذر بعض المحللين من أن احتمال فرض مزيد من العقوبات أو التدخل في الحرب الإثيوبية لن يُؤدي إلا إلى تأجيج الصراع.

وفي هذا الصدد، ترى كل من برونوين بروتون؛ مديرة البرامج والدراسات في المركز الأفريقي التابع للمجلس الأطلسي، وماري آن فيتزجيرالد، صحافية بريطانية، في مقالها المنشور في مجلة «فورين بوليسي» هذا الأسبوع أن: «سياسة الولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي في حالة يرثى لها. وكانت الولايات المتحدة تخسر بعض نفوذها في أفريقيا لصالح الصين، وروسيا، وتركيا، ودول الخليج منذ حين، لكن حاليًا لا توجد دولة واحدة من دول منطقة القرن الأفريقي ذات الأهمية الجيو-إستراتيجية يمكنها أن تثق في الانضمام تحت لواء واشنطن».

ويَلفت التقرير إلى أن القادة الإثيوبيين قدرًا ضئيلًا من الرغبة في الوساطة الغربية، لا سيما بعد عدم استجابتهم للدعوات الدولية المتعددة لوضع حدًا للمعارك. ولم تسفر محاولات الاتحاد الأفريقي للوساطة في عملية وقف إطلاق النار سوى عن نتائج ملموسة قليلة. ويبدو أن ما يحدث في إثيوبيا في عام 2022 سيتردد صداه في منطقة القرن الأفريقي بأسرها؛ مما يجعلها منطقة رئيسة تستحق المتابعة خلال عام 2022.

الصومال: ما القادم في عام 2022؟

يُلقي التقرير الضوء على أزمة الحكم في الصومال؛ إذ علَّق الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد (المعروف باسم فارماجو) مهام رئيس الوزراء محمد حسين روبلي وصلاحياته. وكان رئيس البلاد قد اتهم رئيس الوزراء بضلوعه في الفساد بعد تدخله في تحقيق جارٍ بشأن قضية تتعلق بمصادرة بعض الأراضي. وأفاد مكتب الرئيس الصومالي في بيانه أن «مهام رئيس الوزراء وصلاحياته ما زالت معلَّقة لحين انتهاء التحقيقات الجارية».

ومن جانبه صرَّح روبلي قائلًا: إن قرار الرئيس يرقى إلى مستوى انقلاب غير مباشر. وكان الرئيس ورئيس وزرائه قد دخلا في صراع على السلطة منذ شهور. وفي يوم الأحد اتهم كل منهما الآخر بتأجيل الانتخابات البرلمانية التي بدأت في الأول من نوفمبر وكان من المفترض أن تنتهي بحلول 24 ديسمبر.

وأفادت الأنباء أنه تم انتخاب 24 نائبًا فحسب من أصل 275 نائب حتى يوم السبت. وحثت السفارة الأمريكية في الصومال قادة البلاد على «اتخاذ خطوات فورية لتهدئة التوترات». وفي أبريل (نيسان) الماضي شهدت العاصمة الصومالية مقديشو اندلاع اشتباكات بعد موافقة فارماجو المثيرة للجدل على تمديد ولايته لمدة عامين، والتي كان من المقرر أن تنتهي في فبراير (شباط) القادم، وهي الخطوة التي دافع عنها الرئيس الصومالي على صفحات فورين بوليسي في مايو (آيار) الماضي.

ويؤكد التقرير أن أزمة الصومال متعددة الأوجه، وتتضمن انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع والجفاف وتصاعد أعمال العنف من «حركة الشباب الإسلامية» الصومالية المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وحذَّرت الأمم المتحدة من أن أكثر من 80٪ من سكان الصومال يعانون من ظروف جفاف قاسية، ومن المرجح أن يُؤدي ذلك إلى مزيد من النزاعات.

عقد من الحرب في جنوب السودان

يُنوه التقرير إلى أن جنوب السودان انزلق إلى حالة من الاضطراب بعد مرور عامين من الانفصال عن السودان في عام 2011، في ظل اندلاع معارك طاحنة بين قوات الرئيس سلفا كير والقوات الموالية لنائبه ريك مشار. وأعقب ذلك اندلاع حرب أهلية أسفرت عن مقتل حوالي 400 ألف شخص، وعلى الرغم من انتهاء الحرب رسميًّا في عام 2020، استمرت أعمال العنف بين الفصائل الحكومية المتحاربة والجماعات المحلية المتمردة.

وذكرت الأمم المتحدة أن حوالي 8.3 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية. ويخشى خبراء الأمن من تفاقم الأزمة وتصاعد التوترات مع اقتراب موعد انتخابات 2023 في جنوب السودان.

المرحلة الانتقالية المتعثرة في السودان

يُفيد التقرير أن المتظاهرين السودانيين يواصلون المطالبة بإنهاء دور الجيش في عملية انتقال البلاد إلى الديمقراطية. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية، وهي نقابة متحالفة مع حركة الاحتجاج، إن 178 شخصًا أصيبوا برصاص قوات الأمن يوم السبت في اليوم العاشر من المظاهرات المؤيدة للديمقراطية ضد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول)، الذي قاده الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني.

وكان الجيش السوداني قد أعاد عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء المخلوع، في 21 نوفمبر بعد مرور نحو شهر من وضعه رهن الإقامة الجبرية. وأعلن حمدوك أن الاتفاق الذي وقَّعه مع قيادة الجيش السوداني سمح له بتشكيل حكومة انتقالية تكنوقراطية جديدة، لكن المتظاهرون يطالبون في الوقت الراهن باستقالته بسبب توقيعه على اتفاق يضمن شرعية وجود الجيش على رأس السلطة، ويمنع السياسيين المدنيين من دخول الحكومة السودانية.

ويَلفت التقرير إلى أن السودان ستبدأ عام 2022 وهي على وشك الإفلاس. وأفادت بعض التقارير أن السلطات السودانية سحبت أكثر من 1.2 مليار دولار من احتياطاتها من العملات الصعبة لتغطية البضائع المستوردة خلال الانقلاب، وتركت خزينة البلاد فارغة. وكانت السودان قد حصلت في يونيو (حزيران) على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.5 مليار دولار، لكن هذا القرض، بالإضافة إلى مبلغ 700 مليون دولار من المساعدات المباشرة من الحكومة الأمريكية، جرى تجميده بسبب الانقلاب. ومنذ حصوله على الاستقلال، أمضى السودان 52 عامًا من أصل 65 عامًا تحت الهيمنة العسكرية، لذلك يرى بعض المحللين أنه من الصعب جدًّا تحقيق أي انتقال إلى نظام ديمقراطي كامل في البلاد.

التمرد في أوغندا

وينتقل التقرير للحديث عن الأزمة الداخلية في أوغندا، حيث اتهمت السلطات الأوغندية يوم الخميس 15 شخصًا بارتكاب جرائم تشمل (الإرهاب) وتدعمه وذلك فيما يتعلق بتفجيرات وقعت في العاصمة الأوغندية كمبالا وفي مناطق أخرى في أكتوبر ونوفمبر، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص. وأعلن «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» المتحالف مع جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة» المتمردة مسؤوليته عن هجمات نوفمبر.

وكانت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة» المتمردة في الأصل مجموعة أوغندية، انتقلت إلى الغابات الكثيفة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية لأكثر من ثلاثة عقود، بعد الفرار من هجمات الجيش الأوغندي. وبايعت المجموعة تنظيم «داعش» في عام 2019، على الرغم من أن بعض الخبراء يُشككون في هذا الرابط. ومع ذلك، يرى باحثون آخرون أن أعمال العنف الواسعة النطاق التي تنفذها «القوات الديمقراطية المتحالفة» والحملات الدعائية المتطورة تدلل على مستويات أعلى من التمويل الخارجي والعلاقة مع تنظيم «داعش».

وأشار التقرير إلى أن القوات الأوغندية دخلت الكونغو في شهر ديسمبر الماضي لشن هجوم عسكري مشترك ضد «القوات الديمقراطية المتحالفة». لكن الرئيس الأوغندي يوري موسفني نفسه، الذي يتولى زمام السلطة منذ عام 1986، متهم باستهداف شخصيات معارِضة وارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان. كما تُعد أوغندا أكبر دولة مضيفة للاجئين في أفريقيا، حيث يوجد حوالي 1.56 مليون لاجئ من الدول المجاورة مثل جنوب السودان، والكونغو، والصومال.

وبعد مرور تسعة عشر شهرًا من تفشي جائحة كوفيد-19، لم تزل مدارس أوغندا مغلقة، وهي أطول مدة إغلاق شهدها العالم خلال الجائحة. ويُخشى أن يؤدي هذا الإغلاق إلى عدم عودة ثلث هؤلاء الطلاب إلى الفصل الدراسي أبدًا. ويُرجَّح أن تؤدي الحملات القمعية المميتة التي تشنها قوات الأمن الأوغندية والحكومة الاستبدادية غير الخاضعة للمساءلة، بالإضافة إلى الآفاق الاقتصادية المتناقصة للشباب الذين يفتقرون إلى التعليم الرسمي، إلى مساعدة الجماعات المتمردة مثل «القوات الديمقراطية المتحالفة» على ضم أعضاء جدد إليها.

المجاعة في مخيمات النازحين في نيجيريا!

وينقل التقرير ما قاله بعض النساء، اللاتي يعشن في مخيمات النازحين الداخلية في نيجيريا، منصة «هم أنجل» الإعلامية، إذ أعرب بعضهن عن تفضيلهن العيش أسيرات في المدن التي تحكمها جماعة بوكو حرام؛ لأنه سيكون بمقدورهن الحصول على طعام هناك. تقول أميناتا، أسيرة سابقة لدى جماعة «بوكو حرام»، والتي تزوجت قسرًا من (إرهابي) بعدما اختُطفت: إن «حياتها كانت أفضل مع الجماعة المتمردة».

وتحدث عديدٌ ممن يعيشون في مخيم دالوري المحلي للنازحين، الواقع على مشارف مدينة مايدوجوري في شمال شرق نيجيريا، إلى منصة «هم أنجل» الإعلامية قائلين إنهم ظلوا لأشهر دون حصول على قسائم لوجبات الطعام من الحكومة أو المنظمات غير الحكومية.

أزمة الانتقال الديمقراطي في جامبيا!

ويختتم الكاتب موجزه الأسبوعي بتسليط الضوء على الأزمة في جامبيا، مستشهدًا بما كتبه سايت ماتي جو في موقع «أفريكان أرجيومنت» أن الرئيس الجامبي أداما بارو، الذي فاز مؤخرًا بولاية ثانية، يواجه ضغوطًا كبيرة لتوفير خدمات عامة فعالة للشعب الجامبي. وبوجه عام كانت الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في ديسمبر الماضي هي الأكثر مصداقية في تاريخ جامبيا السياسي الحديث. ويأمل كثير من الشعب الجامبي أن تكون ولاية بارو الثانية في السلطة مختلفة عن ولايته الأولى، وأن يُنفذ الإصلاحات المؤسسية والقانونية الموعودة لمكافحة الفساد.

المصدر: ساسة بوست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث

مواقيت الصلاة

صفحتنا على الفيس بوك


المتابعون

الأرشيف

أنت الزائر رقم