بقلم مُحمد حافظ رحمهُ اللهُ تعالى
عفوا.. فالمسألة ليست بشأن ماكرون، ولكنها حرب واحدة مستمرة!
= كيف
لشابٍ في الثامنة عشر فحسب، أن يتجاوز كل هذه المسافات.. ويختصر كل هذه
الطرق.. ويقفز فوق كل هذه العوائق.. ويتخلى عن كل هذه المغريات..
كيف
له، وبفعلٍ رمزيٍّ واحدٍ، أن يقيم الحجة على الناس.. وينذر القاعدين..
ويعاتب المنظرين.. ويدحض حجج الجبناء.. ويلعن الخونة.. ويقول للجميع: نقطة
انتهى
هل لو كنت مكانه كنت ستفعل مثل فعله أم تمضي لحال سبيلك معللا نفسك بأي شيء؟؟
هل
نمط تديننا نفسه صحيحٌ؟ هل أماتت طريقتنا النظرية الجافة في الالتزام
معانٍ أخرى مهمة وأساسية كالغضب للحرمات؟ هل لدينا أي إطار دعوي أو محضن
تربوي حاليا يجعل محور برامجه: ترك الوهن.. الوهن الذي هو حب الدنيا
وكراهية (الموت).. ليكسر دائرة الغثائية المغلقة التي ندور فيها كما يدور
الثور بالرحى بلا أمل في التغيير...
إذن، ما القصة:
- أول غزو أوروبي استعماري للعالم الإسلامي-باستثناء بضع أقاليم احتلها الروس- افتتحته فرنسا، بحملة نابليون على مصر والشام
- ثم احتلت فرنسا الجزائر لمدة 132 عاما..
-
وقدر المؤرخ الفرنسي جاك جوركي أن مجموع الذين قتلتهم فرنسا في الجزائر
منذ قدومها عام 1830م حتى رحيلها عام 1962م، يبلغون 10 ملايين مسلم، منهم
مليون مسلم في أول 7 سنوات بعد قدومهم ومليون ونصف المليون في آخر 7 سنوات
قبل رحيلهم..
- وحين خرجت فرنسا من الجزائر كانت قد زرعت وراءها عددا من الألغام أكثر من عدد جميع سكان الجزائر وقتها،11 مليون لغما
-
كما كانت قد أجرت 17 تجربة نووية في الجزائر في الفترة من 1960 - 1966م،
أسفرت عن عدد غير محدد من الضحايا يتراوح بين 27 ألف و 100 ألف إنسان
-
كما أنهم لازالوا يحتفظون برؤوس مقطوعة لـ 20 ألف مسلم ممن قاوموهم في
الجزائر، يضعونها في متحف الإنسان بباريس، وهذا مثبت بوثائقي فرنسي لا يمكن
التشكيك فيه
- وحين احتلت تشاد جمعت فرنسا 400 عالما مسلما، وقطعت رؤوسهم بالسواطير عام 1917م
- واحتلت تونس مدة 75 عاما
- والمغرب 44 عاما
- وموريتانيا 60 عاما
- واحتلت مالي (90% من سكانها مسلمون) 103 عاما، ثم عادت لتحتله مرة ثانية منذ 7 سنوات ولازالت فيه.
- واحتلت النيجر (99.3% من سكانه مسلمون) 63 عاما
-
واحتلت السنغال (95% من سكانه مسلمون) لمدة ثلاثة قرون، وأخذت منه 5
ملايين و300 ألف إنسانا ساقتهم للاستعباد ونقلتهم إلى الكاريبي وهايتي
-
ونفذت تخريبا ثقافيا شاملا جعل اللغة الفرنسية لغة رسمية ل 32 بلدا
أفريقيا معظمها بلدانا ذات غالبية مسلمة، وأخذت خيرة شبابها للقتال في
معاركها الاستعمارية.. معركة فردان وحدها هلك فيها 70 ألف منتسب للإسلام
تحت الراية الفرنسية
- ناهيك عن نهب الثروات والتخريب الاجتماعي
والديني والإفساد الممنهج لهذه المجتمعات المسلمة ، فضلا عن نهب الثروات،
سرقت مثلا من النيجر 100 ألف طن من اليورانيوم، وهو ما ينتج ثلاثة أرباع
الكهرباء في فرنسا وتركت أطنانا من المخلفات النووية في أراضيهم مما أدى
إلى مأساة مستمرة
كانت هذه حلقة الاستعمار.. وقد سبقتها حلقة الحروب الصليبية
- فالحروب الصليبية كانت بشكل رئيسي مشروعاً فرنسياً بدأه بابا الفاتيكان أوربان الثاني الذي كان فرنسياً وأعلن عنها من فرنسا
- والفرنسيين هم أول من لبى نداء البابا، فثلاثة أرباع الذين اشتركوا في الحرب الصليبية الأولى كانوا فرنسيين!
-
ولازالت الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا تعتبر الملك لويس التاسع، الذي قاد
حملتين صليبيتين ضد المسلمين، أحد القديسين.. واللغة التي كانت تتحدثها
الإمارات الصليبية في الشام هي الفرنسية
- ومن كاتدرائية نوتردام
بباريس، انطلقت الدعوة لشن الحملة الصليبية الثالثة، التي حاولت إعادة
إحتلال القدس بعد أن حررها صلاح الدين الأيوبي
- والحروب الصليبية لمن لا يعلم قد استمرت قرنان وتسببت في مقتل 3 ملايين مسلم
وقبل حلقة الحروب الصليبية كانت هناك حلقة الأندلس
إذ
كان الفرنسيون هم من تصدى للفتح الإسلامي لأوروبا من جهة الأندلس متسببين
في غرق الأوروبيين في ألف سنة من الشقاء والظلمات، ثم كانوا أول من قدم يد
المساعدة والعون إلى نصارى الأندلس للقضاء على الحكم الإسلامي فيها، فكانوا
الداعم الأكبر بالمال والرجال والسلاح فيما عُرف بحروب الاسترداد مما أدى
لسقوط الأندلس واختفاء شعب مسلم عاش فيها لمدة 800 سنة وتدمير حضارة لم
يسبق لها مثيل على الأرض الأوروبية من قبل
القصة إذن ليست ماكرون..
إنها حلقات متواصلة ومستمرة دون إنقطاع ويسلم بعضها بعضا حتى وإن اختلفت
مسمياتها.. .. وإطلالة سريعة على التاريخ ستجعلك تتيقن أنها حرب واحدة
مستمرة منذ قرون طويلة وأن الحنق على الإسلام يقطن عميقا في أغوار العقل
والنفس الفرنسية وإن تدثروا بقشرة ليبرالية هذه الأيام..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق