حكومة الانقلاب تحتكر شراء القمح المحلي بسبب الحرب الروسية.. دلالات مهمة

. . ليست هناك تعليقات:


 

القرار الذي اتخذته وزارة التموين والتجارة الداخلية بحكومة الانقلاب رقم 46 لسنة 2022، الصادر يوم الإثنين 14مارس، بإلزام المزارعين بتسليمها محصول القمح للموسم الحالي، بواقع 12 إردبًا للفدان كحد أدنى (حوالي 60% من إنتاجية الفدان)، مع حظر بيع الكميات التي تزيد على الحد الأدنى إلا بتصريح من الوزارة يحدد الكميات واﻷغراض ومكان التخزين، بالإضافة إلى إلزام من اشتروا قمحًا محليًا قبل صدور القرار بأن يسلموه بالقواعد نفسها المفروضة على المزارعين، يحمل دلالة مهمة وخطيرة ويؤكد أن أزمة استيراد القمح تفاقمت إلى الحد الذي يحولها من أزمة إلى مشكلة. قرار وزارة التموين يبدأ العمل به من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية (الوقائع المصرية)، وينظم عملية التداول والتعامل على القمح المحلي خلال الموسم الحالي.

ووفقا للقرار، سيكون على المزارعين تسليم القمح لعدة جهات، منها: الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين، وشركات المطاحن التابعة للشركة القابضة للأغذية، والتي سيكون عليها أن تدفع مقابل ما تم توريده خلال 48 ساعة على اﻷكثر. وفي حين يحظر القرار نقل القمح من أي مكان بدون تصريح من الحكومة، يعاقب أي مزارع لا يلتزم بتسليم الحد اﻷدنى من القمح بالحرمان من السماد المدعم المقرر له في الموسم الصيفي، وكذلك بالحرمان من أي دعم من البنك الزراعي، فيما تعد أسمدة الموسم الصيفي المدعمة مكافأة لمن يورِّد أكثر من 90% من المحصول، وإن كانت تلك المكافأة مقتصرة على أصحاب الحيازات التي تزيد على 25 فدانًا.

قرار إلزام المزارعين بتسليم القمح للحكومة يعاقب كل المخالفين وفقًا للمادة رقم 56 من قانون رقم 95 لسنة 1954، والتي تنص على الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 300 جنيه ولا تجاوز ألف جنيه على كل مخالفة ترتبط بسلعة من السلع التي تدعمها الدولة ويحددها وزير التموين، مع تضاعف العقوبة في حال تكرار المخالفة. كما يعاقب القرار بمصادرة الكميات المضبوطة، ووسائل النقل المستخدمة.

وتشتري هيئة السلع التموينية سنويًا نحو ثلاثة ونصف مليون طن من القمح المحلي، ولضمان الحصول هذه الكمية، تعرض الهيئة سعر ضمان مرتفع، قد يتجاوز أحيانًا سعر القمح العالمي. في المقابل، يتجه القطاع الخاص لشراء القمح المستورد لأنه في هذه الحالة يصبح أرخص من سعر القمح المحلي، خصوصًا مع وجود قانون يحظر على القطاع الخاص استخدام أو شراء القمح المحلي. لكن هذه المرة، كان الوضع سيختلف «التجار كانوا سيحتكرون معظم محصول القمح من الفلاحين ويخزنونه، مستغلين عدم رفع الحكومة سعر التوريد، رغم أن سعر القمح العالمي ارتفع»، وفقا لوليد دياب، عضو غرفة غرفة الحبوب التجارية، في سياق تعليقه على القرار وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي حين وصل سعر القمح العالمي حاليًا إلى 8300 جنيه للطن، لا تزال الحكومة تقدم سعر ضمان للقمح المحلي بما يعادل 5400 جنيه للطن، بينما اكتفت، قبل القرار اﻷخير، بالحديث عن تقديم حوافز للمزارعين لتشجيعهم على تسليم محصولهم للحكومة، لكن دون تحديد تلك الحوافز.

القرار لقي ترحيبا من جانب بعض الخبرء والمتابعين، واعتبروه أكثر فعالية في مواجهة أزمة استيراد القمح وضمان توريد كميات القمح المحلي هذا العام. وكانت الحكومة أعلنت خلال اﻷيام الماضية أنها تستهدف شراء ستة ملايين طن من القمح المحلي هذا الموسم، وهي ضعف الكمية التي تشتريها كل عام، وهو المستهدف الذي استبعدت مصادر مختلفة إمكانية تحقيقه، قبل صدور قرار الإلزام بتوريد القمح للحكومة.

وبهذا القرار يمكن السيطرة على توريد محصول القمح بدلا من سيطرة القطاع الخاص عليه منذ سنوات طويلة لا سيما وأن الحكومة كانت تفضل القمح المستورد على المحلي رغم أن الأخير أكثر جودة، وعبر الحيازات الزراعية يمكن التعرف على المساحات المزروعة وحجمها وإنتاجها ومعرفة ما يمكن أن يتسرب إلى القطاع الخاص.

بدون القرار الأخير ما كان للحكومة أن تحصل حتى على الـ3.5 طن التي تشتريها من القمح المحلي سنويا، ذلك أن معظم الفلاحين كانوا سيفضلون بيع القمح للقطاع الخاص والتجار بأسعار أعلى من توريد الحكومة التي يقل الثمن الذي حددته للتوريد عن السعر العالمي بمقدار نحو ثلاثة آلاف جنيه لكل طن، رغم أن القمح المحلي أكثر جودة من المستورد.

ورغم أن القرار الأخير يضمن لوزارة التموين الحصول على كميات قمح أكبر مما تحصل عليه سنويا، لكن هناك شكوك حول قدرة الحكومة على شراء المستهدف هذه السنة وهو 6 ملايين طن، كما يشكك آخرون في دقة ما تقوله الحكومة من أن حجم القمح المحلي يبلغ عشرة ملايين طن، ورجحت المصادر ــ وفقا لموقع مدى مصر ــ  أن الإنتاج المحلي لا يزيد على سبعة ملايين طن، لأن الحكومة تعتمد في تقديراتها على رصد الجمعيات الزراعية على مستوى الجمهورية، وهو رصد غير دقيق؛ لأن كثيرا من المزارعين يكذبون بشأن المساحات المزرعة من أجل الحصول على المزيد من الدعم والسماد.

وينقل موقع "مدى مصر" عن أحد التجار أن هيئة السلع التموينية اشترت منه مؤخرًا قمحًا كان قد استورده من الخارج، بنفس السعر الذي اشتراه به. «ما كانش ينفع أعترض، لو اعترضت هيصادروه ويقولوا قمح محلي، فبِعت بأي سعر»؛  وهو ما يبرهن على أن تحركات الحكومة للسيطرة على سوق القمح المحلي بدأت بالفعل منذ عدة أيام، قبل حتى صدور القرار الأخير.

وبخلاف ما كان يخزنه المزارعون لاستخدامهم الخاص، كان جزء من الإنتاج المجلي يذهب إلى التجار ومطاحن القطاع الخاص، رغم حظر ذلك، ومؤخرا لاحقت وزارة التموين المطاحن الخاصة من أجل الاستحواذ على ما لديها من قمح محلي، لكنه أمر صعب من الناحية الفنية وفق خبراء؛ ذلك أن القمح المحلي يتم تخزينه في أشولة، عكس المستورد، لكن لو تم فتح الأشولة وخلط القمح المحلي على المستورد سيكون عسيرا تحديد كميات المحلي منه.

المصدر:بوابة الحرية و العدالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث

مواقيت الصلاة

صفحتنا على الفيس بوك


المتابعون

الأرشيف

أنت الزائر رقم