المصريون يتساءلون: أين المليون ونص فدان قمح يا سيسي وهل طرحت خيارا ؟

. . ليست هناك تعليقات:


 

لا تخشى الدول التي تحكمها الديمقراطية من تقلبات الدهر ولا ما يقوم حولها من حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل، فحكوماتها المنتخبة وضعت مسبقا ضمن أجندتها الاقتصادية تأمين الغذاء للشعب كهدف إستراتيجي لا يقل خطورة عن قرار الحرب، بل إنها مسألة حياة أو موت، على عكس جمهوريات الموز العسكرية التي يحكمها جنرالات المعونة الأمريكية.

"لو لم نستورد القمح والدقيق ، فعصابة السيسي هتأكل عيش منين؟ تلك هي المعضلة التي كشفتها الحرب الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا، وحتى قبل تلك الحرب كشفها الرئيس الشهيد محمد مرسي بقوله "إذا أردنا امتلاك إرادتنا؛ علينا إنتاج غذائنا ودوائنا وسلاحنا" وذلك أمام قادة الجيش الثاني الميداني بالإسماعيلية في 4 أغسطس 2012، في وقت مبكر من ولايته التي امتدت لعام واحد فقط، معلنا إستراتيجيته لقيادة البلاد نحو الاكتفاء الذاتي، وهو ما لا يريده الغرب الذي يضع حذاء السيطرة فوق رقاب المصريين.

 

الاكتفاء الذاتي

ومنذ انقلاب السفاح السيسي، على الرئيس الشهيد مرسي في 3 يوليو 2013 لم يعلن يوما عن رغبته في الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والسلاح، بل ظل طوال 8 سنوات يدعم بشكل مبالغ فيه الاستيراد والمنتج الأجنبي على حساب المنتَج والمنتِج المحلي.

"عاوزين نصنّع غذاءنا وسلاحنا و دواءنا" كلمات قالها الرئيس الشهيد مرسي لم يقلها أحد من قبله ولا من بعده؛ فكانت أحد أهم أسباب الانقلاب عليه، وهي كثيرة؛ فالرجل كان على وشك تحقيق اكتفاء ذاتي من إنتاج القمح، وهذا يشكل خطرا على عصابات المصدرين والمستوردين لهذا المحصول الإستراتيجي ويمنع عنهم سبوبة العمولة ، وتعتبر عصابة الانقلاب جزءا من تلك المافيا العالمية.

بالنسبة لمصر، فهي أكبر مستهلك للقمح الأوكراني، إذ استوردت أكثر من 3 ملايين طن في عام 2020 – حوالي 14% من إجمالي قمحها- وفقا لبيانات الفاو.

لسوء الحظ، يأتي جزء كبير من إنتاج القمح في أوكرانيا من سلة خبزها التاريخية شرق البلاد، وهي مقاطعات خاركيف ودنيبروبتروفسك وزابوريزهيا وخيرسون، الواقعة إلى الغرب من دونيتسك ولوهانسك، والتي تسيطر عليها بالفعل القوات المدعومة من روسيا.

وإذا تحول هجوم محتمل على أوكرانيا إلى استيلاء روسي على الأراضي من حيث أسس الانفصاليين المدعومين من روسيا بالفعل ما يسمى بجمهورياتهم، فقد يعني ذلك انخفاضات حادة في إنتاج القمح وهبوطا حادا في صادراته، حيث يفر المزارعون من القتال والبنية التحتية المدمرة، واقتصاد المنطقة مشلول.

تقول مجلة فورين بوليسي إن "كل من يسيطر على الأرض سوف يستخرج ثرواتها في نهاية المطاف، ولكن إذا كانت الظروف في الأجزاء الشرقية التي تسيطر عليها روسيا من أوكرانيا بمثابة دليل، فقد يكمن عدم الاستقرار والشلل في المنطقة ويؤثر بشكل خطير على الإنتاج بعد الغزو الأولي".

في البلدان التي تحكمها الديكتاتورية العسكرية مثل مصر، يمكن أن تؤدي صدمات أسعار الغذاء الإضافية والجوع بسهولة إلى تدهور الوضع السيئ بالفعل، ويمكن أن يؤدي ارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي إلى اشتعال الغضب ومن ثم الثورة.

وتقول فورين بوليسي إنه "لا ينبغي الاستخفاف بهذه السيناريوهات، إذ لم يمضِ سوى عقد من الزمان على انتفاضات الربيع العربي، حيث كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل الثورة في تونس ومصر".

وقد تكون شكاوى السكان أوسع بكثير وتراكمت على مدى سنوات عديدة، لكنها غالبا ما تكون صدمة الأسعار هي التي تؤدي إلى نشوب الثورة، يمكن أن يزيد الجوع من عدم المساواة الذي ينتج عنه التوترات ويؤدي في نفس الوقت إلى اشتعال الحركات الجماهيرية.

 

إفقار الشعب

وربما تكون المقارنة ظالمة بين نتائج وأولويات اقتصادية لرئيس مدني منتخب ديمقراطيا استمر في الحكم لعام واحد فقط، عملت خلاله الآلة الأمنية والمخابراتية بكامل قوتها لإفشاله، وآخر انقلابي اغتصب السلطة وبقي فيها ثماني سنوات كاملة ولا يزال، اتحد معه كل أصحاب المصالح، وطوعت السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية لخدمة أهدافه فكانت النتيجة المزيد من إفقار الشعب وإذلاله.

إذ كان هم الرئيس الشهيد محمد مرسي الأول الاكتفاء الذاتي من القمح، وعلى الرغم من العقبات التي تراكمت خلال أعوام حكم حسني مبارك وعلى رأسها تبعية القرار المصري للخارج، الذي أدى إلى إهمال إنتاج القمح محليا والاعتماد على استيراده من الخارج بأسعار تخضع لسياسة السوق العالمية.

اتبع الرئيس الشهيد مرسي إستراتيجية أدت إلى أن تقفز إنتاجية القمح في السنة المالية 2012/2013، من 7 ملايين طن إلى 9.5 مليون طن بزيادة 30% عن السنة المالية 2011/2012، على الرغم من أن مساحة الأرض المزروعة بالقمح لم تزد على 10% من مجمل المساحة المخصصة للزراعة.

أما بالنسبة للسفاح السيسي فقد كشفت الحرب الأوكرانية الروسية المزيد من أكاذيبه التي أطلقها للمصريين، وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فشل مشروع المليون ونصف مليون فدان، بعد أن زادت مساحة الأراضي المنزرعة عام 2016-2017 أي بعد عام ونصف من إطلاق المشروع 30 ألف فدان فقط.

من جهته يقول مستشار وزير التموين الأسبق، عبدالتواب بركات إنه "بعهد المخلوع حسني مبارك، اتبع وزير زراعته يوسف والي سياسة أكثر خبثا، فوضع سعرا عاليا لاستلام القمح ، ولكنه أقل منافسة من محاصيل أخرى شجع بزراعتها وتنافس القمح أو تشغل الأرض الزراعيـة المناسبة لزراعته كالعنب والكاكي والبطاطس".

وهذا ما أدى إلى تراجع المساحة المنزرعة بدرجة كبيرة، وزادت درجة اعتماد الحكومة على الاستيراد من أميركا وروسيا وفرنسا وأوكرانيا طوال عهد مبارك وحتى السيسي.

وأوضح بركات، أنه "لذلك لن يكون لقرار الحكومة إعلان سعر شراء القمح من الفلاحين بهذا التوقيت تأثير كبير على زيادة المساحة المنزرعة بالقمح 2021 لسببين الأول، أن الفلاح زرع مساحة البرسيم التي اعتادها سنويا بالفعل قبل شهر من القرار".

ولمح إلى أن "السبب الثاني، أن الزيادة الجديدة في السعر عن 2020، وهي 100 جنيه للإردب غير عادلة ولا كافية ولا تغطي الزيادة في تكاليف الأسمدة التي زادت من 65 جنيها عام 2013 إلى 250 جنيها وتصل 400 جنيه بالسوق السوداء".

ويستبعد مستشار وزير التموين الأسبق أن "يسعى السيسي إلى الاكتفاء الذاتي من القمح لأن الأموال المخصصة بالموازنة العامة للدولة لدعم القمح أصبحت صفرا على يديه، وأعلن وزيرا التموين والزراعة بعهده انتهاء دعم القمح، وكتبت صحيفة الأهرام الزراعي مانشيتا عريضا يقول (القمح في ذمة الله)".

ومن باب العمولات والبيزنس تستورد عصابة الانقلاب القمح بأسعار أغلى مما تعطيه للفلاحين مقابل توريد القمح لوزارة التموين، ما تسبب في تقليل المساحة المنزرعة وجعل القاهرة المستورد الأول للقمح عالميا.

ويستهلك المصريون سنويا نحو 21  مليون طن تقريبا، ينتج الفلاح منها 9 ملايين طنا تزرع في ثلث المساحة المنزرعة في فصل الشتاء، ويجري استيراد الباقي بنحو 12 مليون طن.

المصدر : بوابة الحرية والعدالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث

مواقيت الصلاة

صفحتنا على الفيس بوك


المتابعون

الأرشيف

أنت الزائر رقم