يشهد قطاع العقارات أزمات كبيرة نتيجة انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية وارتفاع أسعار مواد البناء، وهذه الأزمات تهدد بانهيار القطاع، وتكبد الشركات العقارية والعاملين في مجال المقاولات خسائر كبيرة.
ويؤكد الخبراء أن قطاع التشييد والبناء يمر حاليا بأوقات عصيبة وعدم استقرار، نتيجة تقلبات سعر الصرف وارتفاع أسعار مواد البناء والتشطيبات.
الأزمة الاقتصادية
من جابنها كشفت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” عن تباطؤ قطاع العقارات بنسبة 9% خلال العام الحالي، بعد نمو كان متوقعا بنسبة 11% في 2022.
وقالت “فيتش سوليوشنز” في تقريرها الأخير في يناير الماضي إن “ارتفاع أسعار الحديد من 15 ألف جنيه للطن إلى نحو 29 ألف جنيه، شكّل عبئا ماليا على المقاولين والمطورين والمستهلكين”.
وأشار التقرير إلى أن الأزمة الاقتصادية دفعت حكومة الانقلاب إلى تأجيل المشروعات الفنكوشية لترشيد الإنفاق العام ومواجهة نقص العملة الصعبة، مما قد يعمق أزمة قطاع الإنشاءات في الوقت الحالي.
وأكد أن هذه القرارات انعكست بالسلب على قطاع المقاولات، مما أدى إلى حدوث خسائر تقدر بنحو 40 مليار جنيه وفق تقديرات الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء.
مطالب
وتوقعت غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية وشعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية أن تشهد أسعار العقارات ارتفاعات من 20 إلى 30% تدريجيا حتى اتزان الأسواق؛ مؤكدة أن هذه الزيادة لا تكفي لتغطية الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها مواد البناء.
وطالبتا حكومة الانقلاب بعدة مطالب من أجل التغلب على تداعيات أزمة خفض الجنيه وارتفاع سعر الدولار، تضمنت:
إضافة مدة زمنية لكل المشروعات الجاري تنفيذها، ما بين 9 و12 شهرا، من دون احتساب أي فوائد.
إرجاء سداد الأقساط والفوائد على الأراضي لمدة زمنية توازي المهلة الممنوحة لتنفيذ المشروعات لجميع الأقساط المتبقية.
ضمّ القطاع العقاري لمبادرة دعم الصناعة المصرية بتمويلات تبلغ 150 مليار جنيه بفائدة 11% مدعمة من دولة العسكر.
طرح الأراضي الجديدة بأقساط على فترات زمنية طويلة تصل إلى 10 سنوات.
ارتفاع الأسعار
من جانبه توقع المهندس فتح الله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة التشييد والبناء بالجمعية أن تقفز أسعار العقارات خلال عام 2023 بأكثر من 50% نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء كالحديد والأسمنت والأخشاب والتشطيبات الداخلية للوحدات السكنية تأثرا بالتضخم، مشيرا إلى أن أكثر المتضررين هي المنشآت التجارية والإدارية التي تعتمد على الاستيراد في تشطيبها.
قال فوزي في تصريحات صحفية إن “المبيعات في سوق العقارات قفزت بنحو 30% في عام 2022 مقارنة بالعام الذي سبقه، رغم ارتفاع الأسعار ما بين 20% و30%، وذلك بسبب زيادة الطلب على الوحدات السكنية”.
وأشار إلى أن 25% من المبيعات هي بغرض الاستثمار وليست للسكن، من أجل الحفاظ على المدخرات وكملاذ آمن من التضخم الناجم عن تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار.
وحذر فوزي من أن استجابة المطورين الصغار باتوا عرضة للتعثر على عكس المطورين الكبار الذين يتمتعون بسيولة مالية كبيرة.
ملاذ آمن
وقال أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية بالقاهرة إن “قطاع العقارات ضخم وينقسم إلى مستويات مختلفة، وقد يمر ببعض الاضطرابات لكنه لا يتوقف ولا يتراجع، لأنه أحد الخيارات الموثوقة في ظل خفض قيمة الجنيه وارتفاع التضخم، مؤكدا أن الكثيرين يفضلون الاستثمار بشراء وحدات سكنية.
وأكد الزيني في تصريحات صحفية أن استقرار أسعار العقارات مرهون باستقرار سعر الصرف، مما يسهم بتهدئة الأسواق وزيادة المبيعات، موضحا أن القطاع العقاري لا يخسر مهما ارتفعت الأسعار، لكن قد تتراجع أرباحه.
مواد البناء
وأكد المهندس محمد البستاني نائب شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الصناعات المصرية أن المتخصصين في الشأن العقاري أجزم أن الأيام المقبلة ستشهد ارتفاعا كبيرا في أسعار العقارات، لافتا إلى أنه من الممكن أن تصل نسبة الزيادة إلى 30%.
وقال البستاني في تصريحات صحفية إن “ارتفاع أسعار مواد البناء سيدفع الشركات العقارية إلى رفع أسعار الشقق لديها”.
ونصح البستاني العملاء بسرعة الشراء في الوقت الحالي، مشيرا إلى أنه الأفضل في ظل التحديات والتطورات التي يشهدها السوق العقاري المصري حاليا.
التضخم
وكشفت مريم السعدني محللة القطاع العقاري بشركة “إتش سي” لتداول الأوراق المالية أن التضخم المتزايد ضغط على القدرة الشرائية علاوة على ارتفاع الكلفة، مشيرة إلى أن بيئة التضخم المرتفع تسببت في أسعار فائدة حقيقية سلبية، وصبت تاريخيا في مصلحة قطاع العقارات إذ ينظر المستثمرون إليه عادة على أنه ملاذ آمن.
وقالت مريم السعدني في تصريحات صحفية إن “مقومات الاقتصاد الكلي الحالية تمثل تحديا لهذه الصناعة، موضحة أن ضغوط الكلفة التضخمية الناجمة عن ارتفاع معدلات التضخم الذي بلغ متوسط 13.8 في المئة خلال عام 2022، أدت إلى زيادة الكلف ودفعت المطورين إلى اللجوء إلى توريق المستحقات أكثر من الاقتراض من البنوك، مما ضغط على هوامش التشغيل لديهم”.
وأشارت إلى أنه لمكافحة الـ ’دولرة‘ والسيطرة على التضخم أصدرت البنوك العامة شهادات إيداع ذات عائد مرتفع، تقدم معدل فائدة يصل إلى 25.0 في المئة، وحذت حذوها البنوك الخاصة، مؤكدة أن الشهادات ذات العائد المرتفع تتنافس مع الاستثمار في القطاع العقاري، مما يؤثر سلبا في قيمة مبيعات القطاع التي نمت فقط بنسبة ثمانية في المئة خلال تسعة أشهر من 2022 بينما انخفض حجم المبيعات بنسبة خمسة في المئة على أساس سنوي على عكس النمو بنسبة 59 في المئة خلال عام 2021 والذي كان مدفوعا بالحجم والقيمة.
وأكدت مريم السعدني أن المطورين لم يتمكنوا من خطط تيسير السداد أكثر من ذلك، لأن خطط تيسير السداد خلال السنوات السابقة أثرت في تدفقاتها النقدية، مما أثار مخاوف في شأن القدرة الشرائية للعقارات متوقعة في عام 2023 أن يكون نمو المبيعات مدفوعا بارتفاع الأسعار.
المصدر : بوابة الحرية والعدالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق