دلالات تلويح حكومة الانقلاب بحذف 45 مليونا من منظومة الخبز

. . ليست هناك تعليقات:

 



تحمل التصريحات التي أدلى بها وزير التموين والتجارة الداخلية بحكومة الانقلاب على المصيلحي، أمس الثلاثاء، بشأن توجه الحكومة نحو حذف 45 مليونا من منظومة دعم الخبز، تهديدا مباشرا لعشرات الملايين من المصريين الذين يواجهون ظروفا شديدة العنف في أعقاب الاتفاق مع صندوق النقد في نوفمبر 2016م، وتبني حكومة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي لشروط وإملاءات  الصندوق؛ وهو ما أدى إلى هبوط عشرات الملايين من أبناء الطبقة الوسطى إلى ما دون خط الفقر العالمي.

وفقا لتصريحات المصيلحي فإن عدد الأفراد المستحقين لدعم الخبز يبلغ 25 مليون مواطن تقريباً، من أصل 70.5 مليوناً مسجلين في منظومة الدعم، وموزعين على ما يقرب من 22.5 مليون بطاقة تموينية، بينما يبلغ سكان مصر أكثر من 100 مليون نسمة. معنى ذلك أن حكومة الانقلاب تبحث حذف نحو 45 مليون مواطن من منظومة دعم الخبز، حيث قال الوزير: «كلفة رغيف الخبز، الذي يُباع بـ5 قروش على بطاقات الدعم التموينية، بلغت 65 قرشاً وفقاً لآخر حساب لكلفة الخبز في العام الماضي؛ أي من دون احتساب الزيادات الأخيرة في أسعار القمح العالمية". وأضاف: "من الصعوبة خفض وزن رغيف الخبز عن 90 غراماً (كان 130 غراماً في عام 2019)، والحل يتمثل في الدعم النقدي المشروط، باعتباره أكثر كفاءة من الدعم العيني"، مستطرداً أنّ "الحكومة لن تتعجل في قرار تحريك (زيادة) سعر الرغيف، أو المساس بالبطاقات المدرجة حالياً على منظومة التموين، شرط أن يكون أصحابها من الأسر الأولى بالرعاية، والأكثر استحقاقاً للدعم". وتابع المصيلحي: "في حال التحوّل من منظومة الدعم العيني إلى النقدي، سيتم تعويض الأشخاص المستحقين لدعم الخبز، والبالغ عددهم نحو 25 مليون مواطن من إجمالي المستفيدين، بحسب تقديرات الأجهزة المعنية في الدولة".

وبشأن أزمة استيراد القمح مع اشتعال الحرب الروسية ضد أوكرانيا، أوضح المصيلحي أن هناك مصادر أخرى لاستيراد هذه السلعة الإستراتيجية، ومنها الولايات المتحدة وفرنسا ورومانيا". مضيفا "نسب استيراد القمح خلال العام الجاري كانت بواقع: 43% من رومانيا، و29% من روسيا، و23% من أوكرانيا، والباقي من فرنسا. والدولة تستهدف زيادة المساحة المزروعة من القمح خلال السنوات الثلاث المقبلة، بإجمالي مساحة تبلغ مليون فدان لتوفير قرابة 1.5 مليون طن من القمح".

التصريحات ترجمة حرفية لتوجيهات الدكتاتور السيسي الذي هدد بحذف عشرات الملايين من منظومة دعم الخبز في ديسمبر 2021م أثناء افتتح مجمع إنتاج بنزين بالصعيد، حيث قال: «اللي فات مش أكثر من فردين.. والجديد مفيش ــ قلت لا يمكن أدي بطاقة تموين تاني لحد بيتجوز». وهي التصريحات التي اعتبرها كثيرون نوعا من الظلم والإجحاف والمعايرة في نفس الوقت؛ لأن السيسي تحدث وكأنه يمنح الفقراء الدعم من جيبه الخاص أو من مال أهله؛ متجاهلا أنه وحكومته وجيشه وشرطته وجميع موظفي الحكومة يتقاضون مرتباتهم من جيوب المواطنين؛ فقد بلغت نسبة مساهمة الإيرادات الضريبية في دعم إيرادات الموازنة خلال الشهور الأربعة الأولى من العام المالي الحالي (2021/2022) الذي بدأ في يوليو الماضي 78.8%  مقابل 75% كانت مساهمة الضرائب في موازنة العام الماضي(2020/2021). وتستهدف حكومة السيسي تحصيل نحو 983 مليارجنيه من الضرائب بخلاف نحو 76 مليارا أخرى من الرسوم في الموازنة الحالية رغم أن حجم الإيرادات الكلية في الموازنة تزيد قليلا عن تريليون و300 مليار جنيه فقط!

وفي 17 فبراير 2022، أعلن رئيس الوزراء بحكومة الانقلاب مصطفى مدبولي عن فرض زيادة وشيكة في سعر رغيف الخبز المدعوم على بطاقات التموين، بدعوى أنّ آخر تحريك في سعره كان عام 1988، حين كان يكلف الرغيف نحو 17 قرشاً. وزعم مدبولي أنّ "الحكومة تتأنى في التعامل مع كل ما يتعلق بمنظومة الخبز، ووضعت مجموعة من السيناريوهات لزيادة سعر الرغيف بعد الرجوع إلى الخبراء. وراعت فيها الفئات المهمشة والفقيرة، حتى لا تلقي الزيادة المرتقبة تداعيات كبيرة عليها". يذكر أنّ وزارة التموين المصرية قد رفعت أسعار بيع السلع الأساسية على البطاقات المدعومة بنسبة تجاوزت 30%، مقارنة بأسعارها في يناير 2021، مع ثبات مبلغ الدعم بقيمة 50 جنيهاً لأول 4 أفراد مقيدين على البطاقة، و25 جنيهاً للفرد الخامس، وهو ما يهدف إلى خفض قيمة الدعم المقدم للمواطنين، إثر فرض أكثر من زيادة على أسعار بيع الزيت والسكر والأرز.

وفي 17 أكتوبر 2021، وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر، إحصاء جاء فيه أن معدلات الفقر في مصر بلغت نسبة 29.7 في المئة خلال عام 2019 – 2020م، انخفاضا من نحو 32% في العام 2018/2019 بما يعني أن النظام في مصر نجح في تقليل البطالة خلال تفشي كورونا رغم ارتفاعها في كل بلاد العالم بسبب عمليات الإغلاق الواسعة للشركات والمصانع. بينما تذهب تقديرات البنك الدولي إلى أن نسبة الفقراء في مصر تزيد على 60% وهو رقم يقترب من الحقيقة بحسب مراقبين.

ورغم تباهي الحكومة بأن مخصصات الدعم في الموازنة تصل إلى 321 مليار  جنيه، إلا أن الفقراء لا يحصلون سوى على نسبة 33% من مخصصات الدعم، موزعة ما بين نسبة 16% لدعم الخبز، و11% لدعم سلع البطاقات التموينية، و6% لمعاشات التضامن الاجتماعي وتكافل وكرامة المتجهة لشريحة الفقراء. حيث بلغت مخصصات دعم الخبز 50.6 مليار جنيه، ودعم سلع البطاقات التموينية 36.6 مليار جنيه ومعاشات الفقراء 19 مليار جنيه، من إجمالي رقم الدعم.  وهو ما يعني على الجانب الآخر اتجاه نسبة 67% من الدعم بالموازنة لغير الفقراء، حيث يحصل المصدرون على نصيب من ذلك الدعم، وكذلك وزارة الإنتاج الحربي وأندية العاملين بوزارة المالية وكذلك نوادي الشرطة، وحتى دول حوض النيل، ومن خلال رصد توزيع مخصصات الدعم بالموازنة تبين حصول كل الوزارات على نصيب منها مع اختلاف القيمة فيما لكل منها. لتتواجد ضمن قائمة الحاصلين على الدعم دار الأوبرا المصرية ومكتبة الإسكندرية وهيئة قصور الثقافة والمحكمة الدستورية العليا، والهيئة الوطنية للصحافة والمجلس الأعلى للإعلام والمجلس القومي للرياضة وهيئة الرقابة الإدارية وغيرها من الجهات الحكومية، بينما يظن كثيرون أن مخصصات الدعم تتجه إلى الفقراء كما يدعي مسؤولو الحكومة وإعلام الصوت الواحد بمصر.

المصدر: بوابة الحرية والعدالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث

مواقيت الصلاة

صفحتنا على الفيس بوك


المتابعون

الأرشيف

أنت الزائر رقم